|
الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ذلِكَ} مبتدأ وما بعده خبره. أى: ذلك الأمر وهو إضلال أعمال أحد الفريقين وتكفير سيئات الثاني: كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق. ويجوز أن يكون ذلك خبر مبتدإ محذوف. أى. الأمر كما ذكر بهذا السبب. فيكون محل الجار والمجرور منصوبا على هذا. ومرفوعا على الأول و{الْباطِلَ} ما لا ينتفع به. وعن مجاهد: الباطل الشيطان: وهذا الكلام يسميه علماء البيان التفسير {كَذلِكَ} مثل ذلك الضرب {يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ} والضمير راجع إلى الناس. أو إلى المذكورين من الفريقين. على معنى: أنه يضرب أمثالهم لأجل الناس ليعتبروا بهم. فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟ قلت: في أن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار. واتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين. أو في أن جعل الإضلال مثلا لخيبة الكفار. وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين.
وسميت أوزارها لأنه لما لم يكن لها بد من جرّها فكأنها تحملها وتستقل بها. فإذا انقضت فكأنها وضعتها. وقيل. أوزارها اثامها. يعنى: حتى يترك أهل الحرب. هم المشركون شركهم ومعاصيهم بأن يسلموا. فإن قلت: حَتَّى بم تعلقت؟ قلت: لا تخلو إما أن تتعلق بالضرب والشد: أوبالمن والفداء. فالمعنى على كلا المتعلقين عند الشافعي رضى اللّه عنه: أنهم لا يزالون على ذلك أبدا إلى أن لا يكون حرب مع المشركين. وذلك إذا لم يبق لهم شوكة. وقيل:إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام. وعند أبى حنيفة رحمه اللّه: إذا علق بالضرب والشد. فالمعنى: أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب الأوزار. وذلك حين لا تبقى شوكة للمشركين. وإذا علق بالمن والفداء. فالمعنى: أنه يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها إلا أن يتأول المن والفداء بما ذكرنا من التأويل ذلِكَ أى الأمر ذلك. أوافعلوا ذلك لأنتَصَرَ مِنْهُمْ لأنتقم منهم ببعض أسباب الهلك: من خسف. أو رجفة. أو حاصب. أو غرق. أو موت جارف. ولكن أمركم بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين: أن يجاهدوا ويصبروا حتى يستوجبوا الثواب العظيم. والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض ما وجب لهم من العذاب. وقرئ: {قتلوا}. بالتخفيف والتشديد: و{قتلوا}. و{قاتلوا}. وقرئ: {فلن يضل أعمالهم}. و{تضل أعمالهم}: على البناء للمفعول. و{يضل أعمالهم} من ضل. وعن قتادة:أنها نزلت في يوم أحد.{عَرَّفَها لَهُمْ} أعلمها لهم وبينها بما يعلم به كل أحد منزلته ودرجته من الجنة. قال مجاهد: يهتدى أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطئون. كأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها. وعن مقاتل: إن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشى بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه اللّه. أو طيبها لهم. من العرف: وهو طيب الرائحة. وفي كلام بعضهم: عزف كنوح القمارى. وعرف كفوح القمارى. أوحددها لهم. فجنة كل أحد محدودة مفرزة عن غيرها. من: عرف الدار وارفها. والعرف والارف. الحدود.
يريد: فالعثور والأنحطاط أقرب لها من الأنتعاش والثبوت. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما: يريد في الدنيا القتل. وفي الآخرة التردي في النار كَرِهوا القرآن وما أنزل اللّه فيه من التكاليف والأحكام. لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذ فشق عليهم ذلك وتعاظمهم.
هوكلام منكر للفرح برزية الكرام ووراثة الذود. مع تعريه عن حرف الأنكار لانطوائه تحت حكم قول من قال: أتفرح بموت أخيك وبوراثة إبله. والذي طرح لأجله حرف الأنكار إرادة أن يصوّر قبح ما أزن به فكأنه قال له: نعم مثلي يفرح بمرزاة الكرام وبأن يستبدل منهم ذودا يقل طائله. وهو من التسليم الذي تحته كل إنكار. و{مثل الجنة}: صفة الجنة العجيبة الشأن. وهو مبتدأ. وخبره: {كمن هو خالد}. وقوله: {فيها أنهار}. داخل في حكم الصلة كالتكرير لها. ألا ترى إلى صحة قولك: التي فيها أنهار. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف هي فيها أنهار. وكأن قائلا قال: وما مثلها؟ فقيل: فيها أنهار. وأن يكون في موضع الحال. أى: مستقرّة فيها أنهار. وفي قراءة على رضى اللّه عنه: {أمثال الجنة}. أى: ما صفاتها كصفات النار. وقرئ: {أسن}. يقال: أسن الماء وأجن: إذا تغير طعمه وريحه. وأنشد ليزيد بن معاوية: {مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} كما تتغير ألبان الدنيا. فلا يعود قارصا ولا حاذرا. ولا ما يكره من الطعوم {لَذَّةٍ} تأنيث لذّ. وهو اللذيذ. أووصف بمصدر. وقرئ بالحركات الثلاث. فالجر على صفه الخمر. والرفع على صفة الأنهار. والنصب على العلة. أى: لأجل لذة الشاربين.والمعنى: ما هو الا التلذذ الخالص. ليس معه ذهاب عقل ولا خمار ولا صداع. ولا افة من آفات الخمر {مُصَفًّى} لم يخرج من بطون النحل فيخالطه الشمع وغيره {ماءً حَمِيمًا} قيل إذا دنا منهم شوى وجوههم. وانمازت فروة رءوسهم. فإذا شربوه قطع أمعاءهم.
|